مقاربة عامة بين روايتيّ “الجهل” التشيكية و”مصائر” الفلسطينية

*مقاربة​​ عامة بين روايتيّ

​​ "الجهل" التشيكية​​ 

و"مصائر" الفلسطينية

 

*رواية "المدهون" الفلسطينية

تفوز على رواية "كونديرا" التشيكية بالنقاط

وهذه بعض​​ الأسباب​​ والتوضيحات!

 

1*رواية "الجهل" لكونديرا في حوالي عشر فقرات

*كيف تخيَّل​​ ميلان كونديرا الحنين إلى الوطن*

**مقاربة افتراضية مختلفة لعلاقة النازحين الفلسطنيين​​ 

والمغتربين المشردين​​ في​​ وطنهم الام فلسطين المحتلة:

 

*عرض موجز​​ ومتواز لفقرات

​​ "مقارنة" من رواية "مصائر" لربعي المدهون/

2016

 

إعداد: مهند النابلسي

​​ C:\Users\ibrah\OneDrive\Desktop\الجهل.jpg

*​​ انطفأت الشيوعية في اوروبا بعد مئتي عام بالضبط من اندلاع الثورة الفرنسية: التاريخ الأول أنجب شخصية اوروبية عظيمة، أما الثاني فأخرج المهاجر من مسرح التاريخ الاوروبي، وبذلك انجز سينمائي اللاوعي الجمعي العظيم أحد اكثر أفلامه أصالة: فيلم أحلام الهجرة: آنذاك حدثت، لبضعة أيام، اول عودة لايرينا الى براغ..

 

*يقرع الجرس ويفتح له الباب اخوه الذي يكبره بخمس سنوات. يتصافحان وينظران الى بعضهما. انها نظرات ذات كثافة هائلة ويعرفان حق المعرفة المقصود منها: كل منهما يسجل على الآخر بسرعة وخفاء، شعره وتجاعيده وأسنانه، وكل واحد يعرف ما يبحث عنه في الوجه المقابل له، ويعرف ان الاخر يبحث عن الشيء ذاته في وجهه.

 

​​ يخجلان من ذلك،​​ فهما يبحثان عن​​ المسافة المحتملة التي​​ تفصل الآخر عن الموت، أو بطريقة​​ اخرى اكثر فظاظة، يبحث كل منهما في الاخر عن الموت الذي يتبدى...​​ وهما يريدان أن ينهيا بأقصى​​ سرعة هذا البحث السقيم ويتعجلان ان يجدا جملة تنسيهما هذه الثواني المشؤومة، او سؤالا​​ او مناجاة، أو ان امكن مزحة (كهدية من السماء)...​​ لكن لم يحدث شيء من هذا لينقذهما: "تعال" يقول الأخ اخيرا، ويقود جوزيف الى القاعة وهو يحتضن كتفيه.

 

*بسرعة غير متوقعة، نسيت براغ اللغة الروسية التي اضطر سكانها خلال أربعين عاما ان يتعلموها في المدرسة الابتدائية، وهي متلهفة لكي يصفقوا لها على مسرح العالم، ثم تفاخرت أمام عابري السبيل بالتزين بالكتابات الانجليزية:...​​ هكذا ، ذات يوم، عندما هبطت ايرينا في براغ، لم يرحب بها في المطار بعبارتهم المألوفة"سالو" الفرنسية، بل ب "هالو".

 

*فمن سيسعه ان يعيش ضعفي الثمانين عاما، أي مئة وستين عاما مثلا/ لن ينتمي الى نوعنا البشري ذاته: بل لن يعود شيء يشبه حياته، لا الحب، ولا الطموحات، ولا المشاعر، ولا الحنين، ولا شيء، ولو عاد مهاجرا، بعد عشرين عاما عاشها في الغربة، الى وطنه الام وما زال امامه أيضا مئة عام من الحياة، لما شعر بانفعال العودة العظيمة، وعلى الأرجح لما كانت بالنسبة له هذه عودة، انما فقط واحدة من الجولات العديدة في مسيرة وجوده الطويلة!

 

*منذ ساعتين او ثلاث ساعات تمشي في هذه الأحياء الخضراء. تصل الى حاجز يسور حديقة صغيرة في اعلى براغ (لا يصف جغرافية المكان وموقعه كما يفعل المدهون​​ في​​ روايته): من هنا يبدو الحصن من الخلف، من الجانب السري، هذه هي براغ التي لا يخطر وجودها على بال "غوستاف" (اسم شخصية روائية)، وعلى الفور، تهرع نحوها الأسماء التي كانت​​ أثيرة لديها، وهي فتاة شابة: ماشا، شاعر الزمن الذي كانت فيه امتها تخرج، مثل حورية/ من الضباب، نيرودا، مؤلف حكايا الشعب التشيكي البسيط، اغاني فوسموفيك وفيريتش، من سنوات الثلاثينات، التي كان والدها، الذي مات وهي طفلة، يحبها كثيرا، هرابال وسكفوريكي، روائيان من ايام مراهقتها، والمسارح الصغيرة وكباريهات الستينات، الفائقة الحرية المرحة ودعاباتها الوقحة، لقد كان هذا هو العطر السري لهذا البلد، بمثابة جوهره "اللامادي" الذي حملته معها الى فرنسا.

 

*يعود تفكيره الى زوجة أخيه: كانت تكره الشيوعيين لأنهم كانوا يرفضون حق الملكية المقدس. وبالنسبة لي، قال في سره، رفضت حقي المقدس في لوحتي. حيث يتخيل هذه اللوحة على جدار في منزله القرميدي، وفجاة، يدرك مندهشا ان تلك الضاحية العمالية، وذاك "دوران" التشيكي، وهذه للغرابة ستكون في منزله مزعجة ودخيلة، فكيف خطر له ان يأخذها معه؟! هناك حيث يعيش مع زوجته الميتة لا مكان لهذه اللوحة:...​​ يرى كرسيين متقابلين، المصباح واناء الورود​​ على حافة النافذة ثم شجرة الصنوبر الرشيقة التي زرعتها زوجته امام المنزل، تبدو من بعيد كذراع تدله على منزلهما من بعيد.

 

*بمزاج منشرح كان الكلب ينبح وجوزيف يقول في سره: يترك الناس الشيوعية اليوم ليس لأن تفكيرهم تغير، وتعرض لصدمة، انما لأن الشيوعية لم تعد تتيح الفرصة "لا ليظهر المرء نفسه بمظهر المستقل"، ولا للطاعة ولا لعقاب الأشرار، ولا ليكون مفيدا، ولا ليتقدم مع الشباب، ولا ليشكل حوله اسرة كبيرة: فلم تعد فكرة الشيوعية تستجيب لأي حاجة...​​ حيث أصبحت معطلة الى حد ان الجميع يتخلون عنها بسهولة، حتى دون ان ينتبهوا لذلك (تحليل عميق لافت للتغير ضد الشيوعية).

 

*تسكت​​ والصور​​ تمر​​ في رأسها: فتاة من اسرة فقيرة عاشقة لفتى من اسرة ثرية، امراة شابة تريد أن تجد في الشيوعية معنى لحياتها، بعد عام 1968، امراة ناضجة تتزوج من منشق وفجاة تتعرف على عالم ارحب كثيرا من ذي قبل: ليس فقط​​ من​​ الشيوعيين​​ المتمردين على الحزب، انما أيضا قساوسة وسجناء سياسيين سابقين وبرجوازيين كبار فقدوا مكانتهم...​​ ثم بعد عام 1989، تبدو كأنها خارجة من حلم، تعود من جديد كما كانت: فتاة هرمة من اسرة فقيرة.

 

 

*الحنين.. عالم يختفي أمام أعيننا

 

"أنا لا أُحِبُّ وَطني

مَجدُهُ المُجرَّدُ

يُفْلِتُ مِنّي،

ولكنّي (مع أنّ قولي هذا قد لا يُبشِّر بالخيرِ)

سَأُعطي كُلّ عُمري

مُقابلَ عَشرَةِ أَمْكِنةٍ مِنهُ،

أناس مُعيّنة، موانئ، غابات، صحاري، قلاع،

شظايا هذه المدينة، الكئيبة، العملاقة،

بعض شخصيّاته التاريخيّة،

جباله،

وكذلك ثلاثة من أنهره أو أربعة"

 

"خوسيه إيميليو باتشيكو"

 

*في مشهد رمزي ساحر يصل بنا كونديرا إلى ذروة الهشاشة المختبئة خلف كلمات الوطن والحنين والغربة، تسير إيرينا في إحدى قرى فرنسا قبل أعوام قليلة من انطفاء الشيوعية في التشيك وأوروبا، مفتونة ببهاء الريف الفرنسي، وجدت مشهدا مؤثرا على الضفة الأخرى من النهر الذي يشق القرية الريفية الفرنسية؛ وجدت عددا من الأشجار​​ غنية​​ بالإزهار وارفة الأوراق مقتلعة ومرمية وهي​​ ​​ خضراء! حاولت أن تلفت نظر من حولها إلى هذا الأمر، إلا أن موسيقى صاخبة انفجرت من مكبر صوت قريب، أمام هذا الحدث الطارئ "وضعت إيرينا يديها على أذنيها وانفجرت بالبكاء. بكاء على عالم يختفي أمام عينيها".

 

*وبوضوح، لم تكن اهتماماتهم هي ذاتها، لكنها كانت تدرك ان كلمة "وحدة" من فم الشاب جوزيف تكتسب معنى أكثر تجريدا واكثر نبلا: اجتياز الحياة دون ان يهتم أحد، التحدث دون وجود من يصغي اليك، ثم التألم دون استدرار أي عطف، أي العيش كما عاشت بعد ذلك فعلا.

 

*منذ اقامتها في مشفى الجبل، صار اللحم يذكرها أن جسدها يمكن ان يقطع ويؤكل مثل لحم العجل تماما: بالتأكيد فالناس لا ياكلون اللحم البشري، فذلك يرعبهم، لكن هذا الرعب لا ينفك يؤكد ان الانسان يمكن ان يؤكل ويمضغ ويبتلع ويتحول الى فضلات: وتعرف ميلادا ان الرعب من أن يؤكل الانسان ليس الا نتيجة رعب آخر أعم وموجود في اعماق صميم الحياة: الرعب من ان يكون جسدا، من أن يوجد بشكل جسد. (ربما يعاني كونديرا من وسواس قهري/رهابي يرتبط بفضلات الانسان كما لاحظت من كتاباته المختلفة)!

 

(11)*​​ في الجامعة، كانت تغويها احلام السفر نحو نجوم اخرى: فيا لسعادة الفرار بعيدا في الكون، الى مكان ما تتبدى فيه الحياة بطريقة مختلفة عن هنا ولا تحتاج الى جسد! لكنه رغم كل صواريخه المذهلة، لن يتقدم ابدا بعيدا عن الكون. فقصر حياته سيجعل من السماء غطاء أسود سيتحطم عليه دوما رأسه ثم سيسقط من جديد على الأرض حيث كل من يعيش يأكل وربما يؤكل.

 

*في الخلاصة فإن​​ بطلي كونديرا عادا هنا كمغتربين لوطنهما من اقامة طويلة بباريس ولكنهما بقيا مواطنين من الدرجة الاولى بكافة الحقوق والواجبات،​​ حتى مع تغير نمط النظام من الشيوعية لرأسمالية ليبرالية ومظاهر ديموقراطية، ولكن​​ ماذا عن الفلسطينيين التائهين الذين يعودون لوطنهم كسياح مؤقتين وزائرين "غير مرغوب بهم" ونازحين "مسجونين" بلا ادنى حقوق للمواطنة والانتماء والملكية في ظل دولة الآبارتايد العنصرية الكابوسية المحتلة "اسرائيل"...​​ فكيف تكون معاناتهم وعذاباتهم وحنينهم الأصيل لوطن حبيب لا يمكن استبداله؟!

 

​​ هذا ما سأتحدث عنه​​ ​​ في​​ مقالتي التالية،​​ التي ستلخص رواية ربعي المدهون حول الاغتراب الفلسطيني،​​ وعودة​​ الفلسطيني المغترب كزائر ودود،​​ وضيف غير مرحب به من قبل فاشيي القرن الحادي والعشرين "المدللين المتروكين والمدعومين" من أمريكا والغرب المنافق: "كما ورد في سياق رواية "مصائر: كونشرتو الهولوكوست​​ والنكبة" الذي هو عنوان الرواية المرشحة للبوكر العربية في العام 2016....​​ وأخيرا فكيف سينظر كونديرا التشيكي،​​ المتحيز لاسرائيل لهذه العودة مقارنة مع عودة بطليه المذكورين التائهين؟​​ / أم أن مثقفي الغرب قد لحسوا "وغيبوا" ضمائرهم عندما يتعلق​​ الأمر​​ باجرام المغتصبين​​ واضطهادهم الصارخ للفلسطينيين، وقد تعودوا على "ازدواجية المعايير"!

 

2*​​ -​​ فقرات دالة/ساخرة من رواية​​ "مصائر"

​​ لربعي المدهون​​ 

تؤكد بشاعة الاحتلال ومعاناة وبؤس​​ 

وطيبة الفلسطيني المقيم والزائر واللاجىء

 

C:\Users\ibrah\OneDrive\Desktop\مصائر.jpg

 

*تذكر​​ "باقي هناك"​​ ما قرأه ذات مساء في التلمود: "تزحف جثة اليهودي الذي مات خارج فلسطين، بعد دفنها​​ 

تحت الأرض، الى أن تصل الى الأرض المقدسة وتتوحد معها".

 

*علق: "ماشاء الله، والفلسطيني اللاجىء ما بصلها لا حي ولا ميت، لا زاحف تحت الأرض ولا ماشي عرجليه، ولا حتى هابط عليها من السما. فالفلسطيني بيزحف عالسويد والدنمرك".

 

*تساءل: هل يقبل بهذا كله، أم يلعن النازيين وتاريخهم الأسود، وما فعلوه باليهود، وكان سببا في ترحيل الكثيرين منهم الى البلاد؟

 

*طاف "باقي هناك" بلسانه بلدان اوروبا كلها، ولعنها تباعا الواحدة تلو الاخرى، واحيانا بالجملة، لتخليها عن اليهود ابان محنتهم، وارتكابها جريمة كبرى بمساعدتهم على الرحيل الى فلسطين بدلا من استيعابهم عندها...​​ وخص بريطانيا بلعنات تاريخية مميزة، ثم أنهى ذلك كله بطلب الرحمة لروح أفيفا، جارته التي كانت حياتها ضرورية من اجل ان يكون هناك صراع: "الله يرحمك يا أفيفا، اخذتِ​​ اللي النا في الدنيا، وبكرة رح تطالبي بنصيبنا في الآخرة."

 

*رجته افيفا: "طيب شاؤلي، خذ انت الجنود الألمان الأربعة واطلب منهم ان يطلقوا عليك النار حبيبي. جرب الموت من اجلي ولو مرة واحد في حياتك. أصلا من الضروري ان يقتلك ألماني حتى تحصل على حصتك من الهولوكست مثلي."

 

*قالت حسنية امامه ذات مرة، "مش حرام هلبيوت ياخدوها ناس اجو من ورا البحر، مفروشة من الكرسي لنكاشة راس البابور، وصحابها يرتميو في الخيام بين سوافي الرمل ويعيشو العمر كله مشردين؟ مين بيرضى بها​​ الظلم يا رب؟".

 

*علق "باقي هناك": "ربيعة معها حق يا ام فلسطين. الفلسطينية نور، غجر، وقليلين اصل وما عندهمش دم ولا حيا: هاجروا​​ من البلاد ودشروا​​ وراهم عفش مكركب، وبوابير ما فيهاش كاز، ومن غير كماشات كمان؟!".

*همست في اذن سلمان: "بتعرف ابو​​ السلم...​​ لو مر على اسرائيل ألف حكومة يمينية او حتى يسارية، عاقلة او مجنونة، رح اتضل ريحة القدي كعك بسمسم، وكنافة، وزعتر. رح اتضلها مطرزة بالفلاحات. علي الطلاق عمر اليهود في ها البلد قصير."

 

*وضحكنا معا، بينما جولي وعايدة تحاولان فهم السبب. قال سليمان معقبا على ما قال: "أبتعرف...ما في قدس من غير حمص أبو شاكر وأبو حسن. شو بتسوي القدس من غير شارع صلاح الدين، وباب الواد، وباب الخليل، وكل​​ لبواب اللي بتاخذ الناس لمعتقداتهم؟ اللي بتخلى عن هذا كله، بتخلى عن الأقصى وقبة الصخرة، وحارة النصارى، وكنيسة القيامة، وحائط البراق، وسوق خان الزيت، والخلايلة، التجار​​ الأذكياء ، اللي اجو عالقدس في الزمانات وحافظوا على اسواقها وتجارته...​​ بلا ما نروح عالسياسة ونحكي عن بيت الشرق، وفندق الوطني، ومسرح الحكواتي. يا زلمة هي القدس بتكون قدس ان ما كانت هذا كله، وفوق منه جبالها وتاريخها وحيطانها وحروبها وسلامها؟! مع أنها​​ مدينة السلام –بيني وبينك- عمرها ما عرفت السلام".

 

*...وهاي صار الها شهور، والحقير لا بدو يطلع م البيت اللي خلع بابه وقعد فيه، ولا الشرطة الاسرائيلية راضية تأخذ اجراء ضده وتشحطه منه. وهيانا بنستنى قرار المحكمة، ويا خوفي يصير في مصطفى زي ما صار مع الوف الفلسطينيين اللي دشروا بيوتهم وراهم واخذوا معهم المفاتيح."

 

*أخيرا: اجتاز القطار محطات "تل أبيب يونيفيرستي" و "تل ابيب هغناه"، من دون ان نسمع اسم "مركاز سافيدور"، او نقرأه على يافطة، مع ان عيني تلوثتا بكل الأسماء التي كرهتها: هغناه، شتيرن، ليحي، وكل العصابات القديمة والجديدة، التي صارت عناوين بارزة لأكبر خريطة تزوير للتاريخ والجغرافيا في عصرنا الراهن: في تلك اللحظات شعرت بعجلات القطار الفولاذية، تطحن عظام موتى القرى الفلسطينية الثلاث المدفونة تحت تل ابيب (قرى الشيخ مؤنس، والمنشية، وكرم جبلي، وكانت اراضيها تابعة ليافا)...​​ وشعرت حينها بمشاعري مطحونة ومسحوقة تحت وطاة ما شعرت.

 

*وعن الجرافات الأمريكية العملاقة "الوحشية" يقول على لسان البطل: "جرافات أمريكية عظيمة، فعالة، وقادرة على تغيير جغرافية الضفة وقطاع غزة بالكامل، الم تساهم في اقامة الجدار العنصري؟ ألم تهدم وتجرف مئات منازل الفلسطينيين وبيوتهم؟ ألم تقتل جرافتك المفضلة اسرائيليا، بلدياتك ريتشيل كوري، في 16 مارس 2003؟​​ حقا ماذا يفعل مثل هذا الرجل في القدس، وماذا يجرف غير ما نعرفه؟!"

 

*​​ وبعد يقال​​ إن عالم النسبية اليهودي الشهير “أينشتاين” قد قال بعد زيارته لمدن فلسطين العتيقة: لقد ضحكوا علينا!

******************************

 

*هكذا لو قمنا بعرض خاطف للروايتين اللتين تتحدثان معا عن الغربة والعودة للوطن والنزوح (وتأملنا المقتطفات المنتقاة أعلاه علما بانه​​ قلما​​ لاحظ أحد هذه المقارنة​​ السببية) مع اختلاف الزمان والمكان والثيمة والنمط السردي الروائي السائد، لوجدنا أن رواية كونديرا تحفل بثيمات متعددة وذات طابع رمزي فلسفي وجودي عقائدي/ثقافي/تاريخي وعاطفي وحتى جنسي/ حيث تشير للحنين وخيبة العودة للوطن وهشاشة العلاقات، ولا تشير أبدا لجغرافية المكان ونكهته الوجودية الحساسة بالرغم من عراقة براغ وجمالية معالمها التاريخية الشهيرة عالميا.

 

​​ فيما عكسها رواية المدهون التي تحفل بواقعية جغرافية المكان وتنوعه وتضاريسه الدقيقة والتعابير العامية والقصص المعاشة المعبرة، وتغوص في البعد الانساني والقيمي والنضالي والسياسي والتسامحي و"النوستالجي"، ثم انها تحفر بعمق بتداعيات وذكريات الواقع الراهن والنكبة الفلسطينية، وباسلوب طريف ساخر واقعي مقنع وفريد وربما محزن ومؤثر ودرامي صادم، وهي قد تفوز بالنقاط على رواية التشيكي من وجهة نظري النقدية الخالصة!

للمشاركة

alnabulsi.muhannad

Read Previous

نضارة الخيول صهيلها.!

Read Next

العــزل

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *