لام ميم كومة حبّ

 

 

 

لام ميم

كومة حبّ

 

من أحايث "شمس الجبل"

تعقيبا على د. أحمد شبيب دياب

عن لام ميم... خواطر هندسية

 

إبراهيم يوسف ​​ - لبنان

 

C:\Users\ibrah\OneDrive\Desktop\شمس الجبل.jpg

 

إذا اشتدّتْ كآبةُ المرء..؟ أحَبَّ

أن يرى الشمسَ عندَ الغُروبْ

 

الأمير الصغير

 

دو سانت أكزوبري

 

"عن شِكي عن بِكي عن

​​ دبس شديد.. بعلبكي"

 

كومة حبّ تَلُمُّ بعضَها وتتجمعُ

​​ في ضهر المغارة

​​ بجوار المعصرة

في ظلال أشجار التين والبلوط​​ 

​​ وتنطلق إلى محيط النبي ساما

 

حيث ينثرها من بَقِيَ

​​ من الشهود الأحياء

​​ من ختيارية الحيّ...​​ وجيران النبي

على أرجاء "الضيعة" المتواضعة

​​ التي ضاقت بنفسها

وكادت تنفجر من شدة الاتساع

 

وَكُنتُ إِذا سَأَلتُ القَلبَ يَومًا *** تَوَلّى الدَمعُ عَن قَلبي الجَوابا

وَلي بَينَ الضُلوعِ دَمٌ وَلَحمٌ *** هُما الواهي الَّذي ثَكِلَ الشَبابا

تَسَرَّبَ في​​ الدُموعِ فَقُلتُ: وَلّى* وَصَفَّقَ في الضُلوعِ فَقُلتُ: ثابا

 

شوقي

 

في أعقاب نهارات تنقطع معها الأنفاس، وفي زمنٍ ضَمَرت فيه الأماني، لكن المساءآت ما زالت توحي بالرجاء، وتفيض بالتأمل والإصغاء. ولو تاهت قلوبنا قليلا عن ماضٍ لم تزل تتجاوب فيه أصداء أطياف​​ تتردد، وتحفر بين الضلوع وفي الخيال.​​ 

 

ولئن تبدلت ضهر المغارة، وتحوّلت إلى بيوت صلدة من إسمنت وحديد، وضاعت منها مواسم التين، وشقاوة الطفولة وصيد العصافير، وغاب الناطور إلى غير إياب؟

 

وقد توارت البيادر تحت البيوت، وانردمتِ "البير" واندثرت معها بِرْكَةُ الجَوْزَة، وتكسّرتِ الجِرار فغابت الصبايا ونشف الحاووز، ولم يبقَ في الدور غير جاروشٍ تراثية، وعصافيرُ الدوري الحزينة، والسكة الصدئة والمعول المكسور، واختفى القمح وخوابي الدبس من البيوت العامرة بالخير، وصدى الحنين إلى الماضي الجميل.​​ 

 

يوم انطمر بالثلج بيت صْلَيْبي على طرف الضيعة، واحتجز سكانه في الداخل بلا تدفئة وربما بلا قُوت..؟ وتهبُّ "شمس الجبل" بمن فيها بالمجارف والمعاول والرفوش من حدود عين حمدة حتى النبي ساما، ومن الدرجة حتى حقل العباس، لنجدة البيت المطمور، ينقذون سكانه خلال وقت قياسي قصير، وفي طليعتهم بو علي مسعود وحسين يونس سلمان، من أهل النخوة بلا حدود، وأنا شاهد على الواقعة بالتفصيل.​​ 

 

هكذا اندثرت المعصرة وليالي الدبس المؤنسة الطويلة، ويبست كروم العنب والتين، وانقرض "بو فرو" وتحولت نكهته إلى طعم من الذكريات الحزينة في القلوب.

 

​​ فاختفت شجرة التوت بطعم​​ العسل من دار النبي. الدار التي ارتدت حلة أبهى وقبّة أعلى؛ أكثر مما ينبغي، يستحيل على الصبية الأشقياء تسلقها من جديد. وقد هجرتنا طير السنونو، وغابت الجيم المعطّشة عن الأفواه، وضاع الهوى وتغيِّرت فينا الدني؟​​ 

 

https://www.dailymotion.com/video/xucgaa

 

ولئن كان جيرانك من آل شديد من الأوائل ممن هاجروا، وغابوا خلف البحار؟ فنالت الغربة منهم وتبدلت عاداتهم؟ لكنهم بنوا لأنفسهم مستقبلا مشرقا في الموطن الجديد.​​ 

 

لتبقى محبتك وحدها وطهارة قلبك عصيّة على النسيان، راسخة وصلبة متل سنديان السلوقي. شديدة البياض كمناسف الثلج، وديعة كجيرة بيت زين والنبي ساما. ممتعة كالتزلج على منحدرات صنين، ولو على شقفة خشب أو قطعة صفيح. طوبى لك آدميتك ومحبتك. ورزق الله على الزبيب والعنب العبيدي، والكويف الحاضر الغائب.

 

يا مسافرين العمر ماضي، وشمس الجبل ناطرا يرجعوا الغيّاب. هذا تعقيبي على لام​​ ميمك. لو يستحق؟ "فأرشفه" ربما وجد له يوما طريقا مُعَبَّدَة، لإضافته إلى الأحاديث. ​​ 

للمشاركة

ابراهيم يوسف

Read Previous

“لبنان الكرامة والشعب العنيد”

Read Next

رسالة تنتظر الجواب

11 Comments

  • كلمات تطال شغاف القلب
    رائعة السرد
    بين الجنة والجحيم
    بين الماضي ودمار الجاضر
    وانسداد الافق وانقطاع الأوكسجين
    الدموع تشهد معي أن المقال رائع
    درة أحاديث شمس الجبل

  • “شمس الجبل” اسم فاتن، يلامس العواطف ويحرك الوجدان، أرى فيه الشمس تنبسط في سماء القلب، والكون يلقي برعشات النور في النفس فيبهج شاعريتها، ويوقظ الأحلام في الروح ومعنى الحياة. أحب كلمة “شمس” كثيرا…وكل ماتنطوي عليه من المعاني.

    هنيئا لكم شمس الجبل..وهنيئا لها بكم.

  • الأستاذة الصديقة السيدة… دينا تلحمي
    انقطعت منذ مدة أخبارها عن الموقع
    أرجو أن تكون بخير وعافية
    مع سائر أفراد أسرتها ومحبيها
    وأن لا يكون قد نالهم أي غضاضة أو سوء

  • لا أدري والله ما أقول ؟
    فسؤالك عني واهتمامك
    ترتيلة جادت بها السماء

    أنعشت روحي بعد الوهن
    وأشعرتني أنني أستحق الحياة

    شكرا لك يا صديق العمر

  • كعاتك ياصديقي تطل علينا بكل جميل من الماضي أو الحاضر أو حتى المستقبل

    يبقى أن أشهد بإعجابي الشديد بكل مقدمة تكتبها في بداية مقالاتك.

  • الصديقة المُقَدَّرة الغالية دينا تلحمي

    “راجعٌ من صَوْبِ أغنيةٍ ** يا زماناً ضاعَ في الزّمنِ
    صوتُها يبكي فأحمله *** بين زهرِ الصَّمتِ والوَهَنِ”

    لا أستحق يا صديقتي، أو سيدة البنفسج أو ماشئت
    إلاّ أن تتعافي بسرعة وتقومي إلى شؤونك بالسلامة

    انتصري لنفسك على الوجع وتبسمي لمن هم حولك قبل العيد

  • الدكتور أحمد أخي وصديقي
    وقبعة أنيقة فوق جبيني

    أنت في القلب والعين وعلى قمة الرأس
    بالرغم من الهزيمة والقهر؟ لا أريدك
    إلاّ أن تبتسم وتحيِّي معي سيدة البنفسج

  • أسعد الله أوقاتكم بكل خير

    بل يستحق أكثر!
    إنه نص من تلك النصوص الإستثنائية
    النصوص الوادعة الحالمة
    تُقرأ فتبقى عالقة في الذاكرة، عصية على النسيان
    إرث ثقافي ومعرفي يجب الحفاظ عليه.

    شكرا لك
    كل عام وأنتم بخير وعافية وسلامة خاطر.

  • عاشقة الأدب

    “أجمل التاريخ كان غدا”… لسعيد عقل
    هو التعبير الأجمل عن المستقبل
    من قصيدة “مُرّ بي”.. قصيدة مغناة
    وعنوان بارز في مُؤلّف لإيلي الفررزلي
    نائب رئيس المجلس النيابي
    https://www.youtube.com/watch?v=wkYA_HrMxYs
    ونبقى من العابرين في هذا الكون الرهيب

  • إيناس الرائعة

    أنت هي الفاتنة… التي تشغل حيزا واسعا
    في قلوب المحبين.. وتحت عين الشمس

    كل عام وأنتم بخير..

    مهما تكن الأحوال؟
    فلم يبق إلا بضعة أيام وتحل بركة العيد

  • أشواق

    تلك هي عين المحبين، ترى الأشياء الجميلة دون العيوب
    أنت كاتبة مقدرة فعلا.. وأنت أم رائعة وصديقة استثنائية
    كل عام وأنتم جميعا بخير وعافية
    أيام صعبة يمر بها الجميع.. لكن بعد أيام تحل بركة العيد

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *