سكورسيزي المتواضع
ومعاناتي
مع المغرور الطالع
مهند النابلسي
لا أسماء ولا شخصيات بعينها مقصودة هنا، بل هي وليدة الخيال الافتراضي ليس إلاّ.. وأي تطابق مع الواقع يعتبر وهم وإسقاط وفبركة: ! فلا يوجد أفضل من الواقع المعاش لصياغة القصص والحكايات بلا تزييف وتزويق وتبجح وتجميل.. فقد شاهدت فيديو جديد يوضح طريقة تصوير سكورسيزي "المخرج السينمائي الشهير".
وذلك عن فيلمه الايرلندي اللافت الجديد، حيث نشاهد التواضع وخفة الدم والبراعة في تقديم المشاهد ببساطة، وشرحها لكبار الممثلين (دينيرو وآل باشينو) بلا تصنع وانفعال، وتشدق ومظاهر خاصة وبيريه وحركات أيدٍ باردة مصطنعة، ولا يمكن مقارنة ذلك أبدا مع معظم المخرجين العرب.. السينمائيين ولا المسرحيين كذلك.
كما أن ذلك بالتأكيد لا ينطبق على معظم القائمين على "المشهد الثقافي / الفكري – الفني" العربي الراهن خصوصا / حيث التشنج والغرور والملل والتشدق وشوفة الحال، إلا من رحم ربي ومعظمهم مصدقين حالهم وحالهن، وبعضهم يتحدث عن ماركس وهيجل وديكارت وعن أينشتاين وهوكنغ وشرودنغر، وكأنه تعشى معهم البارحة، وأصبح وصيا لترويج أفكارهم بنزق وتعصب وحدة وانفعال كمان…”فمشان الله” تعلموا منهم وحسب.
سمة التواضع والبساطة والتفاعل والالمام المعرفي الحقيقي فقط، وبلاش تكونوا عباقرة ومبدعين حقيقيين… فأحد مدراء لجان السينما (في كوكب نبتون البعيد على سبيل المثال) لم أشاهده مرة يبتسم في حياتي بالرغم من إبداعه السينمائي المحدود العتيق البالي قبل أكثر من ربع قرن، كما أنه قمعي متسلط بامتياز ولا يسمح لنا نحن الجمهور المسكين المستكين، بمشاهدة الأفلام في ناديه السينمائي الا على مزاجه في القاعة الرحبة.
"الواقعة من كوكب المريخ وليس الأرض بالتأكيد" يحشرنا غصبا عنا في القاعة الرئيسة الصغيرة بلا جاذبية أرضية كحبات البندورة البلدية، المعطوبة مع الصالحة من منطلق "املأ البكسة أولا"! ويتصرف بوظيفته وكأنها مزرعته الخاصة، ليس كموظف يتقاضى بالتاكيد أكثر من الف دينار لمجرد انتقاء الأفلام، وآخر مهندس عتيق لم يمارس مهنته إلا لأسبوعين تقريبا. ثم تطفل على الفلسفة الكلاسيكية وقرأ بعض النصوص الألكترونية من هنا وهناك وصدق حاله وزاره المرحوم ديكارت عدة مرات في منامه وأحلامه، وأوصاه بأن يكون خليفته الحصر.. وهكذا جمع الماركسية بالديكارتية والالحادية بالغزعبالية، وأصبح الناطق الرسمي المتسلط للجمعية الفلسفية المريخية الكونية، ثم انتفخ غرورا وصدق نفسه مع صدور كتيبات غير مقرؤوة له! ومع سيل المديح الجارف الذي تلقاه من أنصاف المثقفين وادعياء الفلسفة “السحيجة” الكثر في كوكب المريخ.
ثم تنمر وأصبح حتى يطرد بعض الحضور المحترمين المساكين من الندوات وكأنه صاحب مزرعة حصرية وجنة أرضية بلا حسيب أو رقيب. كما أنه كعادة كل المستبدين العرب "المتغولين/الفضائيين" لا يجري إحصائيات مع الجمهور والحضور بل يفرضون علينا أذواقهم السينمائية / الفلسفية العتيقة البالية، باختيارالأفلام والثيمات الفكرية البالية والمكررة.. والتي تجاوزها الزمن أو كاد.. ودوشونا بقصص السينما المتقادمة وراهنية أرسطو وكانط وجحا كمان "حسب مزاجهم وعلاقاتهم وما توفر لهم من معرفة محدودة".
ثم قالوا لنا بالمجاز: روحوا بلطوا البحر اذا استطعتم.. وإذا مش عاجبكم طاب وصباحكم ومساكم… والأمر ينسحب كذلك على معظم أدعياء الابداع والنجاح العرب بغلو الكلام: من "أبو حرداية" الثري العبقري "المقيم خارج مجرة درب التبانة" الذي "لم يتوقع مثلا تفشي وباء الكورونا في الصين" بقدراته الاستبصارية الفريدة.
وانما توقع حربا عالمية كارثية افتراضية "غير محتملة" مع الصين "المنكوبة حاليا" في العام 2020، كما تجاهل سعادته كليا صفعة القرن الحالية، ولا كأنو أصلو فلسطيني مهاجر وهو يزور حاليا البرازيل وتشيلي وبوليفيا، لعقد اللقاءآت اللاتينية تعزيزا لعبقريته الكاسحة ولعقد وجنون العظمة المستفحلة لديه"، ولن ننسى كذلك صاحب الكباية العالمي المريخي الزائر، الذي توقع انهيار الاقتصاد العالمي في العام الذي يليه حيث أن ذاكرة العرب مثقوبة.. وكلو عندهم صابون وبطيخ وأحيانا رمان وباذنجان!.
وصولا لكاتبة الرواية المتعالية الفذة "الأديبة الصالحة" التي سرقت بحرية "أفكارا سينمائية ومقتطفات من كافكا وهاروكي وغيرهم" "والتي تقيم حاليا بكوكب عطارد" وادعت بندوة التوقيع مع الناقد المتبجح "السحيج" "القادم في زيارة خاصة من كوكب بلوتو"، بأنها تأمل كثيرا في قيام معظم القراء المحليين المساكين بتعذيب أنفسهم غصبا عنهم، لقراءة الرواية المنقولة الضخمة أكثر من مرة ولم لا؟ "فميش حدا أحسن من حدا"
كما تغني المبدعة الحقيقية فيروز:”عالهدا عالهدا!…علما بأن هذه المبدعة المدعية ولكثرة التشجيع الجماعي الكاسح الجارف الذي تتلقاه صبحا وفي العشية، ولكون زوجها الولهان العتيد ناشر شهير مدعوم و"ما عندوش أبدا مانع" "مع أنه يقيم بعيدا في مستعمرة قمرية" وتنتقل بسلاسة فريدة بين شتى الابداعات بين يوم وليلة وتحصد الجوائز: من أدب الأطفال للخيال العلمي والقصة القصيرة، وأخيرا الرواية الكبيرة. وهكذا وربنا يستر من إبداعها القادم المتوقع!…طبعا أنا لا أقصد بهذه الأمثلة الدالة المعبرة "الاستهانة والسخرية لا سمح الله" من أي كائنات معروفة ولا أسماء "أرضية حقيقية" بعينها أبدا وكلامي واضح وعام وهلامي، فجميع هذه الشخصيات وهمية مبتكرة و"قصصية /فانتازية" وربما كائنات فضائية “مسوخية” لا تتحدث أبدا بالعربية!…
فالرجاء تجنب الشكوى ومقاضاتي "بحالات التطابق بالصدفة البحتة"، وكما أخشى بالحق استدعائي بطريقة قضائية حازمة.. ومهينة فأنا شخص مسكين ماشي الحيط الحيط، وكمان غلبان ومستكين وما عنديش واسطة ولا محامي واصل خبيث و"مش صاحب دين". لذا أترك للمواقع الرصينة حرية النشر أو عدمه فانا متعود على التجاهل والصد !…وهناك حكاية رابعة معبرة: فآخر مرة عملت فيها كمقيم معتمد في كوكب الزهرة؟ واجهت هناك زميلا نكدا مستبدا حليقا عالصفر دوما.. "ومن مجرة بعيدة تقع بمحاذاة ثقب أسود مرعب".
ومع رئيس فريق مغرور "فضائي السحنات فلاحي اللهجات والايماءآت… ويقيم بأحد أقمار نبتون الكبيرة وجاي بزيارة استشارية تنويرية"، وهو بالحق متعال ونسونجي بامتياز، وكان يتركنا كفريق نتخبط بالأخطاء كالفاشلين، ثم يرسل لنا التصحيحات بالبريد الألكتروني.. وكأنا في قارة بعيدة ليقوم بتصحيحها مع ملاحظات قاسية مدرسية، مع إضاعة الوقت والجهد "زي حرام عليكم هيك.. وكم مرة حكيتلكم انو مش هيك"!
ولم يعمل معنا كفريق تفاعلي متناغم للحق، إلا مرة واحدة بعد صلاة الجمعة بعد أن هداه الله "وكان لا يطيق الزميل النكد "الدكر" أبدا وكانا يتناقران معظم الوقت وأحاول عبثا الصلح بينهما"، وفيما كان سعادة الدكتور "الاداري الفهمان النبتوني" يوزع معظم وقته بسعادة لخدمة النساء "الأرضيات" الجميلات وتقديم الاستشارة المعرفية التطوعية لهن بالفرق الاخرى، وبالذهاب للمطاعم والكافيهات للتمتع بقضاء الوقت وتناول الأرجيلة.
فقد كانت هذه التجربة المريرة بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير المستنير للعبد الفقير" وأيضا بمثابة "مسك الختام" لتجربته الشاقة بالعمل كمقيم معتمد لجوائز الجودة "العربية والمحلية والاقليمية"، مع أنه كان من أوائل الذين عملوا في برنامج "سعفة التميز الماسية" بجائزة العام 2002 الاستهلالية، كما عمل سعادته مرتين كمقيم معتمد ورئيس فريق مهيوب في الجائزة "السنسكريتية" للجودة، وحقق نجاحات "مشهود لها"، كمرشد خبير مع ثلاثة مؤسسات طبية، وحكومية وخاصة في جزر القمر.
هكذا يقوم هؤلاء المتعالون العرب الزائرون الفضائيون" المقرفون الأوغاد بتطفيشك مهنيا وإبداعيا وربما حياتيا ومعيشيا كمان: "فتفوووو" كبيرة "مع المعذرة" على وجهوهم "الفضائية المتعالية وليست الأرضية" الافتراضية أجمعين، وعلى الكواكب والمجرات التي قدموا منها، "مع وافر الاحترام والتبجيل للأشخاص الحقيقيين الفاضلين الكثيرين الباقيين فلا شيء شخصي هنا. ثم يصدعون رؤوسنا بقصص العمل الجماعي، والتواضع والمشاركة وتعميم المعرفة والابداع، والفائدة على الجميع في كوكبنا الأرضي البائس الذي يتحمل تناقضاتنا وشرورنا أجمعين، فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وبه وحده نستعين آمين ليوم الدين.
* هامش توضيحي:
روبرت مكي: القصة الجيدة هي القصة التي ترويها بشكل جيد:*. “القصة هي القصة، مهما كانت الطريقة التي تستخدمها في الكتابة": “القصة هي استعارة للحياة. التغيير ضرورة في الحياة، الشيء ذاته يصح عن القصة.
One Comment
حفظك الله ورعاك..ابدعت