القلوب صناديق مغلقة

​​ القلوب صناديق مغلقة

​​ ليلى

 

C:\Users\ibrah\OneDrive\Desktop\53 Best Elena Filatov images _ Female art, Painting, Art_files\79cbdf757318c4eb90ec0ba10bab31fd--simon-birch-birches.jpg

 

هذا​​ النص..​​ "الرسالة"​​ وصلني​​ 

من​​ ليلى..​​ التي لم تشأ

​​ أن تذكر اسم عائلتها

ولمّا كنتُ​​ حقيقة لا أدري

​​ ماذا تريد من الرسالة؛​​ ومني؟​​ 

 

فقد تراءى لي أنها تريد نشرها ​​ 

 ​​​​ هكذا​​ قمت بتدقيقها ما أمكن

​​ وصححتُ​​ ما لاحظته من أخطاء

​​ واجتهدت​​ قليلا في صياغتها

​​ 

ثم اخترت لها​​ عنوانا​​ لعله​​ مناسبا؟

القلوب صناديق مغلقة

كما يوحي​​ مضمون​​ الرسالة

 

أتمنى أنني أصبت فيما فعلت

وأنني​​ ربما​​ حققت

​​ رغبة ليلى​​ وغايتها​​ المنشودة​​ 

 

في​​ بهو​​ المطار​​ أبصرتُها تتنقل​​ بسحر​​ الفراشة​​ في الأنحاء،​​ تتحرك​​ بحيوية من مقعد إلى مقعد،​​ وفرحُ​​ الدنيا كله يتجمع وينبثق من مقلتيها الواسعتين. شابة ريانة العود​​ ترتدي بنطالا​​ أسود فضفاضا​​ من جهة قدميها، وقميصا​​ شفافا​​ بلون النبيذ الأحمر،​​ يكشف عن فتنة ذراعيها​​ البضتين.

 

وليلها الأسود​​ المعقوص يتجمع​​ فوق رأسها الجميل،​​ يحمل​​ بين​​ طياته​​ فوضى​​ "الأرواح​​ المتمردة"؛​​ ولون​​ "رُوْجِها"​​ المستفِز صبغت به شفتيها​​ المكتنزتين.​​ كل​​ ما رأيته كان​​ بسيطا حيال​​ نظرتها​​ المتوهجة​​ الفاتنة،​​ في​​ فضاءآت ما يتصل بحضورها​​ الآسر​​ في دائرة واسعة​​ حولها.​​ 


وقلت​​ في​​ نفسي أي فرح​​ في​​ السر​​ الذي لا يستكين في عمق عينيها؟ إن هي إلاّ​​ غابة​​ من​​ ألَقٍ ​​​​ مسافر لا يستقر ولايهدأ​​ أو​​ يرتاح على​​ واحة،​​ في طريقه إلى​​ أقاصي​​ الصحارى​​ النائية​​ البعيدة.​​ 


وقبل أن​​ يقطع​​ تفكيري​​ نداء​​ ربط الأحزمة​​ للإقلاع؛​​ رأيتها بجانبي. إنه​​ من​​ حسن الطالع​​ وجمال الصدف​​ حينما​​ تشاء الظروف،​​ ويكون مقعدي إلى​​ جوارها​​ في الطائره.​​ دقائق معدودات​​ وأقلعت​​ الطائرة عاليا،​​ ثم​​ أستقرت​​ ​​ في انسياب أفقي هادىء، ونحن نحلق​​ على أرتفاع ثلاثين​​ ألف قدم.​​ 

 

كنتُ​​ من حين إلى حين أتلمس جيبي،​​ لأستخرج​​ قلما​​ ومفكرة​​ أدوِّنُ​​ عليها ما​​ يجول​​ في خاطري. تكرَّر​​ فعلي​​ وأنا أستخرج القلم والمفكرة وأعيدهما إلى جيبي.. ما​​ أثار​​ حفيظة​​ الشابة​​ في جواري حينما​​ تجرأت وهي تبادرني بالسؤال:​​ ماذا​​ أكتبُ..؟​​ أحببتُ​​ فضولها وقلت لها:​​ أسجل​​ انفعالي​​ وما في خاطري من مشاعر​​ طارئة،​​ على أرتفاع ثلاثين ألف قدم،​​ فترددت​​ على​​ ثغرها إبتسامة​​ ساحرة.​​ 


هل كانت الرحلة ممتعة حقا؟​​ لست أدري.​​ لكننا​​ تبادلنا​​ الحديث​​ بعفوية صادقة وعقل مجرّد،​​ فلم​​ يتسلل الملل إلى نفوسنا.​​ فتحت لي قلبها؛​​ أنا جارها الغريب لتسري عن نفسها،​​ وعذرتُها​​ من شدة​​ ما تعاني،​​ وتراءى لي​​ أنها لم تخشَ​​ اللوم، ولا​​ الندم​​ في​​ قرارتها​​ وهي تبوحُ​​ لغريب​​ بسرِّها.


تكلمتْ​​ طويلا.​​ كم​​ كان​​ هناك​​ من​​ ألم خلف إبتسامتها،​​ يشي به حديثها للغريب بجانبها.​​ وكم​​ كان​​ هناك​​ من وجع​​ مكتوم​​ في​​ عمق عينيها،​​ وكم​​ كان​​ من​​ أسى خلف ضجيجها​​ العفوي​​ الجميل. هي​​ غابة متشابكة من الشجى.​​ وكنت أقول​​ في​​ نفسي أي​​ وَهْمٍ​​ يغمرني في حضورها الجميل بجانبي؟.

للمشاركة

Leila .

Read Previous

إلى الواهمين بأن الشمس لا تشرق إلا بأوامرهم

Read Next

مُطالعة بعيونٍ مُغمضة

6 Comments

  • ألليل ياليلى يعاتبني * ويقول لي سلِّمْ على ليلى
    ألحب لاتحلو نسائمه *** إلا إذا غنى الهوى ليلى

    عزيزي الأستاذ إبراهيم

    قد تختفي كل الاوجاع حين نفضفض (للغرباء)
    فتبقى بعهدتهم لا نخاف من البوح بها

    واحيانا كثيرة نكتب خواطرنا كي لا نختنق بالصمت…
    وقد نكثر من الكتابة وتخنقنا الكلمات
    ورغم كل ما نقوله أو نكتبه؟
    تبقى في القلب أشياء أحلى من أن تقال !
    ففي قلب كل منا غرفة مغلقة نخاف طرق بابها حتى لا نبكي ..
    فليس كل هادئ خلي البال …وليس كل صامت لا يبالي …
    ففي الهدوء والصمت الف حكاية وحكاية
    أكبر وأعمق من أن تصفها اللغات والكلمات ..

    والحقيقة كما قلت.. ” القلوب صناديق مغلقة”
    لا يرى الأخرون ما في داخلها

    أحسنت انتقاء العنوان
    ولا يسعني إلا أن اشكرك
    على نشر رسالتي بأبهى وأجمل الصور
    فأنت خير من ينقل خواطر المراة ويحرص على أمانتها ..

    يسعد مساك

  • لنا الأيام تبتسم … ولا همس ولا ندم
    وماذا ينفع الندم .. نديم الروح ياليلى

    إذا كان في الفضفضة ما يريح ..؟
    فالصمت أحيانا.. أبلغ من كل الكلام

    أحسنت التعبير من جديد
    وأحسنت أيضا استخدام المزدوجين
    يسعد مساك ومسا الجميع

  • عزيزي إبراهيم
    والعزيزة ليلى

    في إحدى رواياته يقول دوستو يفسكي:
    “نكتشف في النهاية أن البوح ليس سهلاً للمقرّبين كما يصوره الآخرون، بل صعب جداً، والبوح للغرباء متعة وراحة وأمان، لأن كل ما ستقوله سيذهب معهم حيث يذهبون، ولن يفهموا سوى ما تريد، سيقفون بجانبك، سيدعمونك، يضحكون ويبكون معك، لأنهم لا يعرفون أحداً من الحكاية كلها إلا أنت.. فأنت بطلهم..”!

  • وما يقوله جبران خليل جبران :

    “الأيام كفيلة بأن توضح لك مشاعر الآخرين تجاهك، ستعلم بأن ليس كل قريب يحبك، وليس كل كلمة جميلة تكون صادقة من القلب، وليس كل ابتسامة تدل على نقاء.”

    يسعد صباحك سيدتي الجميلة _عاشقة الأدب
    وصباح الجميع

  • الاستماع إلى “فضفضة”” الآخرين يتطلب التفهم والتعاطف والإنصات الجيد. مع ذلك…يبقى لكل فرد نصيب من الأسرار التي سترحل معه يوما إلى الأبد، وربما علينا تعلم مواساة أنفسنا بأنفسنا فهي الأقرب والأكثر فهما لنا وتجنبا لسوء فهم قد يسبب الخذلان.

    احترامي ومودتي.

  • عزيزتي إيناس

    كلام جميل عن “النفس” بأنه لا يوجد إنسان قادم من النجوم
    لينير عتمتها ويحفظ سرها ويقيها مرارة الخيبة والخذلان ..

    ولكن صدقيني والتجربة دائما خير برهان
    بأن الفضفضة للآخرين سواء كانت عن طريق الكتابة أو الحديث المباشر، نصف العلاج النفسي لكثير ممن يمرون بظروف الحياة المختلفة .

    والحديث عن نظريات”النفس” وتصديقها لا بد لنا من أن نعيش التجربة كاملة ..

    شكرا لمرورك العطر
    كوني دوما بخير

    أسعد الله صباحك وصباح الجميع

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *