يا هلا بالحكيم

يا هلا بالحكيم

 

إبراهيم يوسف​​ - لبنان

 

تعقيبا على قصيدة​​ 

جورية..​​ للدكتور​​ 

الطبيب​​ علي شحيتلي

 

المنشورة في الروافد

على الرابط التالي

 

http://arrawafed.net/?p=6616

 

Rose Peinture

 

أتى راعي الهوى​​ يشكي لَ راعي

يا​​ راعي الخلق

​​ لَ​​ تْحَرِّكْ​​ عا​​ غَصِّةِ​​ الماضي​​ يَراعي

يا لهفتي​​ عَا​​ نَغْمِ الوترْ لم يُراعِ

حنين القلب.. عا صوتِ​​ القصب

 

صاحبنا​​ الدكتور أحمد​​ شبيب دياب​​ يا ربّ​​ يِرْجَعْلْنا بخير وسلامة. لم​​ تطل إقامته مع ابنته في​​ قطر حتى عاد أدراجه إلى​​ باريس​​ مدينة​​ العطر​​ والنور..​​ وتَلَقِّيهِ​​ الرياضيات،​​ ولم​​ يبد​​ رغبة صريحة أو​​ مكتومة​​ ولو​​ بالإيحاء​​ فيسمح لي بالرد من صفحته،​​ وأنا​​ بدويٌّ لا ينسى ما له وما عليه،​​ فماذا لو​​ نشرتُ​​ فظاظتي​​ بلا​​ استئذان​​ لئلا يختنق في صدري الكلام؟​​ وقد​​ استوقفتني رسالة​​ من​​ شاعر،​​ يبدي فيها​​ حنقه​​ واستخفافه بالشعر الشعبي،​​ فأحسستُ بوخزة استفزت حفيظتي ومشاعري.​​ وهكذا لجأت إلى العتابا في مطلع ترحيبي، ليس​​ للنكاية​​ بالرجل بل دفاعا عن​​ ​​ العتابا وحسب.

 

وصلتني​​ الرسالة​​ على بريدي، والحق أنها​​ مليئة​​ بالمشاعر​​ النبيلة. بل​​ يمكن وصفها بقمة اللياقة والأدب. لكن صاحبَها​​ د.​​ ع. ج.​​ ​​ وهو شاعر معروف​​ يقول:​​ أنا لا أكتب حسب الطّلب​​ ولست شاعرًا شعبيًّا؛​​ كأن في الأمر تهمة!؟​​ ألاّ​​ يكتب حسب الطلب؟​​ لهو​​ من أبسط​​ حرية​​ الرأي،​​ دون أن يستخف​​ بالشعر الشعبي.​​ هذا​​ الموروث البهيّ​​ الخلاّب.​​ 

 

والشاعر​​ لم تكن لي به​​ صلة​​ من قبل، وهو بالتالي لا يعتبرني صديقا​​ له،​​ ولا يصح​​ مع​​ تباين​​ الرأي​​ بيننا​​ أن أفرض صداقتي عليه. لكن​​ لعله​​ لم يشنّفْ أذنيه​​ يوما بأغنية​​ تهزه​​ فيطرب، ويتمايل​​ برصانة​​ ذات اليمين وذات الشمال؟!​​ 

 

زدني إصغاءً​​ أزِدْك مودة​​ وأقلْ​​ لك بصدق​​ ما في​​ خاطري.​​ هل​​ يصح لشاعر​​ أو​​ رسام​​ ونحات​​ وعازف​​ أو​​ فنان،​​ أنّى تكن ملكته أو هوايته​​ فلا يطرب للغناء!؟ ولو حصل!؟ فلعله​​ يشكو من علة في​​ السمع​​ أو عيب في العواطف، وهو​​ شاعر​​ يتجاهل​​ ولم​​ يسمع​​ بالأخوين رحباني، وسعيد عقل، وجوزيف حرب، ويوسف الخال وميشال طراد،​​ وزكي ناصيف،​​ وليس آخرهم​​ زين شعيب​​ وسمرا يم عيون وساع​​ وجارنا​​ طلال حيدر،​​ والدكتور​​ علي شحيتلي إبن البلد.​​ 

 

سمع أو لم يسمع بأحمد فؤاد نجم، وبيرم التنوسي، ومرسي جميل عزيز، وأحمد​​ رامي ومعه أم كلثوم.​​ وعبد الرحمن الأبنودي وبجانبه الكبيرة نجاة،​​ واللائحة تطول وتتسع​​ وتعود بنا​​ القهقرى​​ عبر زمن مغرق​​ في القدم للوراء،​​ لنلتقي بكُتَّاب الأغاني وأبي الفرج الأصفهاني،​​ ولفيف من شعراء العامية أو الفصحى. وجملة من مغنّي​​ اليوم، كفيروز وماجدة الرومي​​ ووديع​​ الصافي. طرب أم لم يطرب سمع أو لم يسمع!؟ من نظموا الشعر الشعبي، فلم يتعدوا شعراء الفصحى فحسب؟ بل تفوقوا عليهم من الجواهري رجوعا حتى المتنبي مرورا​​ ​​ بزمرة​​ الصعاليك.

 

وبالمباشر​​ لعلك​​ يا سيدي​​ لو​​ تأمّلت هذ الصورة​​ الشعرية​​ المشرقة، وما تختزنه من​​ العفوية​​ والجمال والإبداع؟​​ لتراجعت عن قولك في الشعر الشعبي، فما بالك تعود إلى القصيدة كاملة وتشنف أذنيك​​ بالصوت​​ واللحن​​ والأداء؟​​ 

 

مع ضَوِّ​​ الشمس بُكرا

قال بشوفك عالميّة

ياخوفي للشمس تِسهى

وتنسى تتطلع صُبحية

 

https://www.youtube.com/watch?v=zuGGwOageOw

 

ويبقى الناقد الحق من يتمتع بمناقبية ومهنية، ومستوى مارون عبود طيب الله ثراه، مَنْ​​ لم يعفِ​​ أديبا وشاعرا،​​ ​​ وهو​​ يفتش​​ أولا​​ عن الحسنات قبل أن تصادفه السيئات،​​ فيفيض​​ نقدُه​​ بمهنية​​ وتجرد​​ في معظم​​ ما حققه من أعمال.

 

ولا أقول ما أقول دفاعا عن نفسي في وجه أحد، فلا أنتسب للشعر العامي ولا صلة لي بالشعر الفصيح، ولو كانت لي بعض​​ المحاولات المتواضعة الخجولة، التي لم تلاق إلا قبولا فاترا من بعض المحبين.​​ قد​​ لا تزيد عن د. أحمد.​​ 

 

ولكي أقف على الملاحظة بالتزام القافية​​ بناء على​​ الاقتراح، دون اللجوء إلى استبدال الطّاء المعطّشة بتاء وديعة، تتهادى رقيقة جذلى بين الحناجر والأفواه؟ يمكن للصديقة شهربان​​ من جديد​​ أن تعلم الطقطوقة للأطفال كالآتي:​​ ​​ 

 

يا زْغِيْرِي ارْسُمِيْلِي بَيْتْ

بِخْبِزْلِكْ مَنْقُوْشِي.. بْزَيْتْ

 

بِزْرَعْلِكْ مَرْجِي.. وزْهُوْرْ

يَا رَيْتْ تْرُدِّي..؟ يَا رَيْتْ

 

أهلا وسهلا بالمبدع​​ الدكتور​​ علي شحيتلي وافدا عزيزا، لا يقيم بيننا فحسب​​ بل يدخل قلوبنا بلا​​ شرط ولا​​ استئذان. أحببت​​ الجورية​​ بحق؛​​ أخذتني​​ عفوية​​ خواطرها​​ دهرا للوراء،​​ حيث​​ كانت تخطرُ​​ الصبايا​​ مع جرارهن​​ على​​ درب​​ الحاووز أو عين حمدة..​​ أبعد شوي. وربما التقين بالحاج مرشد يعتلي صهوة حماره ويتحسر على​​ زمن​​ الشباب. كما نتحسّرُ​​ على​​ سنديان​​ السلوقي، ومرجة​​ حشبى​​ والمطاحن​​ والمعصرة،​​ وبعميري​​ والنبي نجوم​​ وضهر المغارة.

 

أما​​ قصيدة​​ "جورية"​​ المعلقة على حيطان​​ النّبي ساما حيث​​ تتوالى صورها رشيقة نشوى،​​ ترجع بنا إلى عهد​​ ضاع​​ إلى الأبد،​​ دون أن​​ يعود​​ إلا ليطرق باب القلب​​ استجابة​​ لإلحاح النداء.​​ القصيدة​​ التي​​ تحاكي مياه الكويف​​ ​​ تنحدر​​ من​​ أعالي​​ الثلج​​ في​​ صنين،​​ وتنساب​​ فرحانة​​ برشاقة متزلجة على الجليد،​​ وتستحق بجدارة أن يضيفها​​ د.​​ أحمد إلى مشروعه​​ الأدبي​​ "أحاديث​​ شمس الجبل".​​ وقد​​ دَعَوْتُهُ​​ مرة في قصيدة​​ إلى​​ التزلّج على منحدراتِ صنِّينْ.

 

ولا​​ أحسب القصيدة​​ التي أشرتُ​​ إليها،​​ تلبّي طموح الشاعر​​ الذي ينتسب لبلاد الشام!​​ ثم​​ يتجرأ ويندّد​​ بخفة​​ الشعر الشعبي؛​​ كالعتابا​​ والقِرّادي​​ وأبو الزلف،​​ والمْخَمَّس مَرْدود​​ والمْعَنّى​​ والروزانا والميجانا؛​​ وهذه الموروثات الفلكلورية جزء من هويتنا الثقافية​​ وحضارة شعب بكامله،​​ لا يجوز أن يستهين بها​​ شاعر​​ ينتسب​​ لهذه​​ البلاد.

 

 

 

 

 

 

للمشاركة

ابراهيم يوسف

Read Previous

نوكتيورن

Read Next

من لحم وعظم.. وطين

7 Comments

  • لك التحية تمتطي طيرالمسافر عبر مروج الإجلال والتقدير

    الشعر الشعبي فيه ما في الشعر من الصور البديعة والعبارات المتجملة بفنيات اللغة، خاصة وأن الشعر الحديث منه، قد التقى فيه الشعراء على لغة شعرية تقارب مصطلحات العامية بالفصحى لتقريب فهمه إلى كافة الشعوب الناطقة بالعربية.. وقد استفادوا من الشعر الشعبي باستخراج تاريخ بعض المناطق في بلاد العرب التي انقطع فيها السرد التاريخي بسبب الجهل بالكتابة آنذاك، فأنجدهم الشعر الشعبي المتداول بالحفظ شفاهة.. أما الشعر النبطي فله بحور وفيه قوانين كما الشعر العمودي وفيه من قوة بناء في الصورة ما يذهلك ويستخرج عبارات اعجابك.. فلا تهمة لأي نوع فني أدبي يصل بك إلى قمة التذوق لأن اللغة العربية تمتلك التعبير القوي بأي طريقة فنية يحسن كاتبها محاكاة ذائقة المتلقي.

  • الأستاذة الصديقة هيام نور الدين ضمرة

    الهلا ليست بالحكيم فحسب.. الذي لم يقتنع بعد بجدوى إنشاء بريد خاص به على الشبكة العنكبوتية! كما لم أقتنع باقتناء المحمول.

    بل يا هلا أيضا بأم هيثم. ليتك تتعرفين إلى الحكيم إبن شمس الجبل – بالتسمية السريانية – التي لا تَروقُ بل تَفْتُنُ د. أحمد شبيب دياب، أستاذ الرياضيات في الجامعة اللبنانية، ومبدع بحق في الآداب نثرا وشعرا.. صديق وحبيب قلب الحكيم.. وقلبي أيضا.

    وليت الفرصة تتاح يوما للحكيم، لكي يشارك ببعض الأمسيات الشعرية التي تعدِّينها في عمّان، على أن تتوليّ أنت تقديمه للحضور. أما في الإشارة للشعر بأنواعه وتعدد مراميه؟ فأنا مع تصنفينه في مرتبة عالية للغاية بلا نقاش. للتعريف بالهوية الثقافية وعنوان حضارة الشعوب.

  • استاذي الفاضل إبراهيم يوسف

    الشعر الشعبي باقات زهور برية
    تختلف أشكالها وألوانها وعطورها
    باختلاف منابتها وأراضيها

    كذلك يختلف الشعر الشعبي العامي
    باختلاف أوطانه وعاداته وتقاليده
    ولهجات أبنائه ومذاهبهم الفكرية

    لكن ما يؤالف بينهم جميعا..؟؟
    الحس بالمشاعر الإنسانية الراقية

  • الشعر الشعبي مرآة البلاد، يحفظ ملامحها ويخزن المفردات الخاصة بكل منطقة، يمتاز بالأصالة واللطافة في التعبير و الوزن والمفردات. و ” جورية” د. علي شحيتلي النضرة عرفت طريقها مباشرة إلى القلب.

  • هاني

    ينبغي التنويه أولا بالتفاعل مع الموقع
    قبل أن أسأل:
    علام تكتفي بالأحرف الأولى للإشارة
    إلى الشاعر صاحب الرسالة
    فلم تسمه مباشرة
    لا سيما وأنك لم تقل بحقه مايسيء؟.

  • أنت لمّاح حقا حينما عقَّبتَ على مركبي البالي موضوع للكاتبة
    المايسة بو طيش من الجزائر وعلى ياليل الصبر وتعليقات أخرى
    وها أنت تلفت بفطنة جديدة إلى إغفال اسم الشاعر
    لو كنتُ أضمنُ النتيجة التي أريدها يا صديقي ؟ لفعلتُ بلا تردد.

  • الشعر الشعبي،لغة لها مفرداتها ،وحروفها، وابجديتها،ككل اللغات!!

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *