ذهب/2022: تحفة سينمائية "صحراوية"
تطرح اشكالية الجشع والنجاة والغدر
إعداد مهند النابلسي
*في المستقبل البائس القريب، يصل مسافر وحيد يُدعى "ڤيرجيل"، (إنه نفس اسم حارس الجحيم حسب "جحيم دانتي") إلى موقع استيطاني، ويرشي الرجل المحلي الداهية "كيث" لنقله إلى منطقة "تنجيم واعدة"، تُعرف باسم The Compound. وخلال السفر عبر صحراء لا تعرف الترحيب / حارة مجدبة وتحفل بالعقارب والآفاعي والعواصف الرملية/، وقد اكتشف الاثنان في النهاية كتلة صلبة ضخمة من الذهب في منطقة نائية.
بعد الفشل في استخراج الذهب بالأدوات اللازمة، يوافق ڤيرجيل على البقاء مع الذهب بينما يغادر كيث لمحاولة العثور على حفارة. ترك ڤيرجيل وحيدًا في الصحراء مع المحدود من الطعام والماء والاتصال اللاسلكي.
ويبدأ ڤيرجيل بالتدهور عقليا وجسديًا مصحوبا بجنون العظمة. ويجعل لنفسه ملجأ من الشمس باستخدام قطع من طائرة محطمة في الجوار، لينتهي به الأمر إلى قتل أمرأة "شك فيها" لأنها اكتشفت مبررات وجوده في ذلك المكان، وصارت تلمح "للجشع الخفي المستفحل في النفوس" وإمكانية الذهاب لواحة قريبة، ثم فقد تدريجياً متطلبات معيشته من ماء وغذاء، وأصابه وهن في قدرته العقلية والحركية وبدأ يعاني من"الجفاف والاعياء" كما انغرس "وتد خشبي" داخل جسمه أحدث نزيفا كبيرا داخل أمعائه/ وذلك بتاثير هروبه من العاصفة الرملية العاتية/ مما أحدث له نزيفا قاتلا، وفقد الأمل بقدوم رفيقه لينقذه بعدما تأخر كثيرا / ربما بقصد وسوء نية/.
أخيرا هاجمته الكلاب المتوحشة بضراوة، ونهشت أمعاءه تحت أشعة الشمس حتى الموت، ولوحظ تردد صديقه الجشع الخبيث بانقاذه، بعد أن اقترب منه لمسافة قصيرة، وكان يراقبه بالمنظار المكبر... ثم تقتل هذا الأخير الأخت الزبالة التوأم / الثانية بسهم مفاجىء غادر، وكانت ظهرت قبل ذلك لصديقه الجريح عارضة عليه المساعدة. هكذا ينتهي هذا الشريط الاسترالي الصحراوي اللافت وعنوانه "ذهب"/2022.
يطرح هذا الشريط الشيق / الذي لم يلقَ رواجا ملحوظا / تساؤلات "وجودية" عن جشع البشر وأنانيتهم وشكهم المتبادل ببعضهم البعض، وغدرهم الباطني الخفي، ويشير إلى العناد والإصرار والرغبة الكاسحة، لمواجهة الصعاب والحصول على الثروة والنجاة الفردية... مع الحد الأدنى من بريق الأمل في ظل صعوبات وتهديدات بيئية ومكانية غير متوقعة ولا تحتمل: الممثل الشاب "زاك إيفرون" يتقمص دور المدعو "فيرجيل" / الداخل إلى الجحيم بارادته / بشكل مذهل من بداية مشيته العرجاء، وهندامه الممزق، وشكله التعيس وهيئته الرثة البائسة.. طبعا فهو لا يطمح في منافسة "المتبجح الوسيم الشهير" دي كابريو صاحب تحفة العائد، كما أن شخصية "كيث" / أنتوني هايس/ السائق الخبيث الداهية في منتصف العمر، تبدو تماما "كحارس الجحيم"، وهو نفسه المخرج المقتدر/ المتواضع / الذي قدم ببساطة هذه التحفة سينمائية المميزة.