حِكايةُ صيفٍ آخر
إبراهيم يوسف – لبنان
*****
نهايةُ المشوار
والعمرُ الذي
تبلغُه السّائمة
قبل الخلاص
وقرار التّخلي عنها
بالذّبح أوالمبيع.
تغدو النهاية
مخصَّصَةٌ فحسب..؟
للعقاقير
وتعديل المزاج
كما أشارَ عليهم
الطبيب
ألَيْستْ فرصتُه
التي دأبوا على ملاحقتِها؟
كظبيٍ يطاردُه رهطٌ من السباع،
والفرصة
تعدو أمامَهم كسهمِ هِنْدِيٍ مارقٍ
يندفعُ ويتسارعُ مع الرِّيْحْ
فكيف سَيَسْلم إذاً
من هذا الهجوم
المرعب،
المباغت، العنيف ؟؟
هذا الصباح وضعوا في كفِّه
حفنة من العقاقير
هو لا يعرف ما تكون؟
لكنه ابتلعها دفعة واحدة
بلا اعتراضٍ أو شكوى
ولا مماطلة أوتسويف؟
فدهمتْه مرارة الحنظل
في البلعوم
****
تعبتِ الفرصةُ،
تعبتْ كثيراً..
لكنهم لم يظفروا بها
فلم يَهَنُوا
أو يَتعبوا أو يقنطوا بعد!
لأنّها الفرصة
المتاحة الأخيرة؟
ولا ينبغي لهم
أن يُضيعوها
أو تفوتَهم
دون مقابل
في مَكْسَبٍ
أو تَعْويضْ..
إذاً.. فليكرروا المحاولة
ما شاءوا.. مرَّةً.. بل مِراراً
من جديد
وليَتْرُكْ من جانبه
وراءَه
كلَّ شيءٍ على حاله،
ولكن؛ قبلَ الرحيل؟
عليه أن يغلقَ الأبواب المفتوحة،
وجميع النوافذ في وجه الريح
و قبل أن يُغلقَ الباب الأخير؟
فلينطلقْ
مبتهجاً نشيطاً
من باب الشمس
مع الطّير والرِّيحْ
ابتهاجَ
عصفورٍمُحَرَّرٍ.. بات طليقا
بلا أصفادٍ أو قيودْ
يخفقُ مُسرعاً بجناحين
كما يخفقُ القلبُ
المُنْتَفِضُ الذّبيحْ
لأنها فرصتُه الأخيرة
لكي يدركَ السِّرب المهاجر أمامَه
في الحين
بلا وهن أو تَعَبٍ
ولا تقصير
ولا يحرِمَه
مع أترابه باقي الطيور
من الهجرة الموسميَّة
في عامه الأخير
ولكي لا يضيعَ؟
فليُسرعْ قليلاً
لئلاّ يختفي عن عينيه
آخر طائرٍ في القطيع
قطيعُ الموتى المؤرَّقين؟
إنهم هناك.. في انتظاره
خلفَ الحدود
حيث لا تفصلُ بينهم
جدرانٌ أو حواجزٌ
من الإسمنت
والشريط الشائك من حديد
ولا تنغلقُ
في وجوههم
النوافذٌ والأبواب
لأنّ هناك
كل شيء مختلف؟
يتوقَّعُ في فرصته الأخيرة؟
أن يكونوا لطفاء
في استقباله
ويتمكّن أن يراهم كلّهم
بالتفصيل
يراهم واحداً، واحدا
أطفالاً؛ "صبيانا ً و فتياتٍ"؛
كِبارا وصغاراً.. يراهم جميعاً
يرى أشكالهم بوضوح
ويرى قسماتِهم
بالتّفصيل.. الدقيق
ويخرجُ الجميعُ
إلى عالم مفتوح
بلا فواصل
حيث نورٌ يملأ الكون
ويفيضْ
فلا ينطفىء
ولا يَشِحُّ أو يخبو وينوس
والمساحات.. لا تتقلصُ
أو.. تضيق
بل لعظمتها؟
لا تتوقف عن التوسِّع والانتشار عند حدود
لكي تستوعبَ خلائق الكون أجمعين
ثم يخرجون
جموعا ليردِّدوا معا
أنشودة الموت الخالد المنتصر
وشغف الحياة المأزوم الحزين
يتردَّدُ
صداها بين الأرض والسماء
وفي دور الولادات
ما بين المشافي والقبور.
وَتَرْتَجُّ النوافذُ والأبواب
ويهتزُّ الكونُ برُمَّتِهِ
على وقع النشيد
ثم ينفتح ما انغلق من جديد
وهم يرون بعيونهم
كيف تهتزّ وتتساقط
المربعات الأمنية في العالم
كما تهوي الممالك والعروش
قبل أن تتداعى وتهوي
على رؤوس أصحابها
أبوابُ الحديد
الصلدة الحاقدة
الموصدة في وجوههم بإحكامٍ شديد
وتنهارعلى رؤوس أصحابها أولاً
ثمَّ تهوي جميعُها إلى قعر الجحيمْ
لتطرقَ بعدها أسماعنا
خلف الحدود
حكاية صيف آخر
صارت تعزفُها على البيانو مِيْلا.. حفيدته من جديد
ما همّ!؟ فمن العالم الآخر
يُمَنِّي نفسه أن يسمعَها وسط جمهور غفير من المعجبين.
https://www.youtube.com/watch?v=PaXKf0JEzEA&list=RDPaXKf0JEzEA&index=1